من أجمل أشعار الشاعر الراحل فاروق شوشه

من أجمل أشعار الشاعر الراحل فاروق شوشه

الرماد أمامك

الرماد أمامك ..
و البحر خلفك ..
فاترك – لمن خلعوك – الخلافة
هذا زمان لدهماء هذا الزمان
يعيثون فيه فسادا
و يرجون منه امتدادا
و يحيون ...
يرتكون صنوف الخطايا
و في طيشهم يوغلون
فلا يستدير إليهم أحد !
الرماد يسود ..
تقدم ...
و كن واحدا لا نصيب له
في الرهان
و لا شوكة تستفز ,
و إلا ...
فأنت الحصاة التي تفسد الزيت
في آلة النابهين ,
و أنت البلاء المسلط ,
أنت الدمار المسيطر
حاذر
فرأسك أول ما سيطير
إن ارتفع الرأس عن شبره المفترض
أو تجاوز أبعد من كتف القانص
المعترض
أو تأمل بعضا من اللوحة المدهشة
مشهدا ,
مشهدا ,
كازدحام الأفق ..
بالجياع الذين يبيعون أعمارهم
لاقتناء رصاصة
و الصغار الذين يسيرون تحت النعوش
لكي يكبروا في القبور
و الشيوخ الذين يؤهلهم عجزهم
لابتلاع المرارة
و تهوي الأوابد عبر المفاوز
و هي تنقب عن طلل في الرمال
هنالك ...
تصبح عولمة الفاتحين شظايا
و بعض زجاج تهشم
فوق الرؤوس المليئة بالكبر
لا تمتلك الآآن غير الخشوع
لسيدها الموت
يدفعها في اتجاه العناد
و في لوثة الكبرياء
لعل الجراح يرممها الثار
و الثأر نار بغير انتهاء !

الرماد انطلق ...
هل تطيق لصهيون هيمنة لا ترد !
و هل تتنازل عن قدس أقداسك
المستباحة ؟
هل يطعمونك حتى تكون شريكا
و أنت الذي يتحلق حولك
كل الذين يرونك خيط الرجاء
إلى وطن مستباح
و أرض
و خاتمة – حرة – للمطاف ؟
هل تخون دمك ؟!
إنه وطن ساكن في شرايين قلبك
ملتصق في و تينك
مشتعل في رؤياك
و مخضوضل في جبينك
مرتسم في يقينك
منطلق في جناحيك
محتشد في قرارة ذاتك
مستمسك بالضلوع !
فانطلق ...
لا رجوع !

و لا حائط غير جلدي
و متكأ غير مائك
مسرجة غير وجهك
أنت الرفيق الذي لا يخون
و أنت الدليل الذي لا يضل
و أنت الزمان القديم الجديد
الزمان الذي ليس عنه بديل !
فلتطل هجمات الرماد القبيح
و ليضع مرة واحدة
ما بدا واهنا من رجاء شحيح
و ليفز بالغنيمة من يهرعون
و من يؤجرون
و من يهتفون ...
لا يهم !
وحدك الآن ..
تبقي مدى الدهر
أنت الحقيقي ,
أنت الصحيح
و أنت الجميل الجليل !


لحظة لقاء

كم يبقى طعم الفرحة في شفتينا !
عمرا ؟
هل يكفي !
دهرا مسكوبا من عمرينا ..
فليهدأ ناقوس الزمن الداوي في صدرينا
و للتتوقف هذي اللحظة في عمقينا .
لن نذكر إلا أن طوقنا الدنيا أغفينا
و أتاحت كفانا ... تغرس دفئا في روحينا
لن نذكر إلا أنا جسدنا حلماً
و ارتاح الوهج الدامي في عينينا .

قلبك في صدري, يسمعني أغلى نبضاته
يهدأفي خلجات اللقيا. أغفو في أعمق خلجاته
أطل عليك. ضياء العمر, و نضرة واحاته
أقبس ومض الأمل المشرق في لفتاته
أرشف نبع الضوء الهامي في نظراته
يتساقط كل رحيق العالم في قطراته
و أرى دنياي و أيامي أبدا تمشي في خطواته

أسأل: هل تتسع الأيام لفرحة قلبين ؟
تعبا,
حملا الدنيا,
هل يخبو هذا الألق الساجي في العينين
و نخاف يطير, فنمسكه, و نضم الدنيا بيدين
و نعود إلى عش ناء نرتاح إليه طيرين
أسأل: هل تتسع الأيام لنضرة حلمين !
أقرأ أيامي عندهما كونا يتفجر لإثنين

عيناي تقول, يداي تحدق, و الأشواق
فيض يغمرني, يغرقني في لفح عناق
و حريق يألك أيامي ... يشعل نيران الأحداق
مازلنا من خلف اللقيا في صدر مشتاق
أملاً يتجدد موصولا ....
معسول شراب و مذاق .
الموضوع الثاني بعنوان ( بين عينيك موعدي ) :
بين عينيك موعدي
و أنا أحمل أيامي و أشواقي اليكا ..
و أرى في الافق النائي يداً تمتد كالوعد, و تهفو
و أراني نحوها ..... طوع يديكا
من قديم الدهر, كانت نبضة مثل إهتزاز البرق
مثل اللمح,
شئ لست أدريه احتواني
فتلاصقت لديكا.... يومها
و اترعشت عينان
اعفي خافقان,
استسلما للخدر الناعم ينساب و يكسو وجنتيكا
يومها, و اتحدت روحان,
أغفت مقلتان,
اختارتا حلماً برئ الوجه, حلو السمت
عشناه ندياً أخضر اللون, وضيئاً
و قرأت العمر مكتوباً... هنا ... في مقلتيكا

بين عينيك موعدي
و أنا كل صباح اتلقى نبرة اللحن المندى
ساكباً في قاع أيامي ربيعاً و اشتياقاً ليس يهدا
ليس يرتاح ... سوى أن عانق العمر و ضما
ليس يرتاح ... سوى أن اشبع الأيام تقبيلاً و لثماً
و تهادى كاخضرار الفجر,
مزهز الأسارير
طليق الوجه, مضموماً إلى الوجه المفدى
لمسة, و انطلقت منك يد
تعزف انغاما ....
و تهتز رياحين و ورودا
مسحة جبهة ايامي, و محت عنها عناءاً و تهاويل و كدا
و استقرت في يدي لحظة صدق, خاشع الخفقة
ينساب وعودا
ذقتها وعداً فوعدا
ذقتها يا مسكري ... شهداً ... فشهدا

بين عينيك موعدي
يومنا القادم احلى لم يزل طوع هوانا
كلما شارفت الحلم خطانا, و اطمأنت شفتانا
و استراحت مقلتانا
و تمنينا, فكان العمر أشهى من أمانينا, و أغلى
و ظننا أن خيطاً من ضياء الفجر يهتز بعينينا
سلاماً و امانا
كلما قلنا بدأنا و انتهينا
صرخت فينا و في أعماقنا, لحظة جوع ليس يهدا
فرجعنا مثلما كنا,
و كنا قد ظننا الشوق قد جاوزنا, و انداح عنا
و يد تمتد من خلف الليالي, كي تطلا
نسجت ثوب حنان ليس يبلى
صوقت أيمان الخضراء أحلامنا و ريحاناً و ظلا
يومنا القادم ... أحلى
يومنا القادم... أحلى


القصيدة و الرعد

كان بين القصيدة و الرعد ثأر قديم
كلما نزفت بوحها
لاحقتها سنابكه بالغبار الرجيم
فتهاوت على درج الأرجوان
مضمخة بالاسى العبقري,
و دافنة همها في انعقاد الغيوم
القصيدة, باكية, تستجير
و للرعد مطرقة و زئير
و دمدمة,
و فضاء حميم
و انتشاء يخامر كل الذين يطلون من شاهق
الكون,
يمتلكون المدى و التخوم
القصيدة ها .. تتناثر كالذر
سابحة في هيولي السديم
تتفتق ذائبة في عروق الحجارة
في غرين النهر,
في جذع صبارة ...
شوكها من حروف الشقاء النظيم
ثم ترتاح من وحشة في العراء
و من شجن في الدماء,
فتأوي إلى الليل,
ساكبة دمعها
في عيون النجوم !
القصيدة, شاخصة تتساءل
و هي تطل على الكون
أي بلاء عظيم !
ترصدني الرعد
حتى انطفأت
و أوشكت أذبل
أوشكت أرحل
رعد يباغتني
قلت : خير سيأتي
و دنيا ستمطر ...
لكنه انجاب ... رعد عقيم !
هل أجاريه قعقعةً ؟
الوجود ضجيج ...
له لغة من رماد المداخن
و الأفق كابٍ دميم
فجأة,
مثل ومض الشهاب
و وقع النبوءة في القلب,
ها,
يتكشف لي بارق ... لا يريم !
لا تخافي من الرعد,
و انطلقي بالغناء,
الغناء الذي يتخلل هذا السديم
لا تخافي من الرعد, لا
إنه زمن عابر
و القصيدة فاتحةً ...
و زمان مقيم !



No comments:

Post a Comment