من ديوان تاج الملوك الأيوبي

من ديوان تاج الملوك الأيوبي


خلق الهوى داءً بغير دواء ***** فعليله أبداً بغير شفاء 
و لأجل ذاك أنا الشقي بمن له ***** قد جد بي وجدي و عز عزائي
يهوى سواي, و لست أهوى غيره ***** و الناس يختلفون في الأهواء
كالصعدة السمراء, أسمر لحظه ***** يحكي سنان الصعدة السمراء
و كأن بهجة وجهه في شعره ***** قمر, بدا في ليلة ظلماء
و كأن عقرب صدغه في خده ***** وقفت مخافة ناره و الماء
قمر, رجوت من الزمان وصاله ****** يوماً, فأخلف بالصدود رجائي
إني لآمل بعد طول فراقه ***** أن سوف يعقبه بيوم لقاء
و يعود من بعد القطيعة واصلاً ***** فيرق لي من بعد طول جفاء
و كذاك طبع الدهر حين عرفته ***** يمضي على السراء و الضراء
و العيش بين حلاوة و مرارة ***** و الناس بين سعادة و شقاء



لو جاد من أهوى برشف رضابه ***** لشفى الفؤاد ببرده مما به
يا ليته بالوعد كان معللي ***** فلقد رضيت و لو بلمع سرابه
رشا, يلوح البدر من أطواقه ***** و يميس غصن البان تحت ثيابه
مستعرب الألفاظ إلا أنه ***** ينمى إلى الأتراك في أنسابه
تقويس حاجبه يحاكي قوسه ****** و لحاظه تغنيه عن نشابه
لا يسمع الشكوى, و لا يرثى لذي ***** البلوى, و لا يحنوا على أحبابه
يا فارعاً شغل القلب كيف خدعته ***** متصنعاً, فكشفت سر حجابه ؟!
ماذا يضرك لو شفيت غليله ***** بالوصل, أو خففت بعض عذابه ؟!


أشكو إلى الله ناراً, لا خمود لها ***** تظل تضرم في قلبي و وجنته
و من تواتر  سقم لا دواء له ***** ينمي, و يزداد في جسمي و مقلته
و غلة في فؤادي لا يبردها ***** شئ سوى ضمة أو رشف ريقته
و حق من قد لي من قده غصناً ***** و أطلع الشمس من لألاء طلعته
ما رمت عنه سلواً ما حييت, و لا ***** شغلت قلبي بشئ عن محبته


بنفسي من تحكم في فؤادي ***** و من ملكته طوعاً قيادي
حبيب ساءني قولاً و فعلاً ***** و سر, بطول هجراني, الأعادي
أحاول قربه في كل حين ***** و ليس يسره إلا بعادي
و كيف  يصح وصل من خليل ***** إذا ما كان معتل الوداد


يقولون لي: ما بال قلبك موجعاً ***** و طرفك في تيار دمعك غارق ؟
فقلت: دعوني هذه سنة الهوى ***** و فرط الأسى بالعاشق الصب لائق
إذا أنا لم أحزن, و لم أعرف البكا ***** و لم أحمل البلوى فما أنا عاشق


أيا هاجري من غير جرم, و مانعي ***** بإعراضه أن أشرب الماء صافيا
سأصبر صبر الحر عنك تجلداً ***** إذا لم أنل مما أريد الأمانيا
و لا, و الهوى, ما من سلو تصبري ***** و لكنه علم بأن لا تلاقيا 

No comments:

Post a Comment