المسيح يصلب من جديد-1

من رواية : ( المسيح يصلب من جديد )
نيقوس كازانتزاكس
ترجمة : شوقي جلال
مراجعة : د. نعيم عطية


صنع الله كل شئ فأبدع صنعه, و أن الدنيا لفي غاية التمام و الكمال.
****
الله فنان مبدع! نعم, فنان مبدع حقا, يعرف أسرار صنعته, و خياله عبقري أيضا.
****
هكذا سيكون الفردوس : شمس حانية, و مطر رقيق هادئ و زهور متفتحة في أشجار الليمون , و نارجيلات و أحاديث ذات شجون الى أبد الآبدين.
****
الحياة قصيرة و الموت طويل فامض في سبيلك يا ولدي.
****
كل قرية لابد لها من امرأة شاذة تحمي حرائر النساء من ازعاج الرجال. انها أشبه بالنبع على قارعة الطريق يرده الظماء فيروون ظمأهم.
****
عض على شفتيك بشدة ! انشر شراعك يا فتى, و امخر عباب الموج ! و لا تفعل ما يملؤك بالخجل. فما الحياة و الله الا زوبعة و تمر !
****
توقف الرذاذ, و لمعت الأشجار و الحجارة, و تضوعت الأرض بعطر جميل. و أطلق طائر الوقواق صيحات فرحة ساخرة. و خفت حرارة الشمس, فأخذت تربت على الأرض في حنان كأنها نبيل عظيم, و رقت الدنيا و سادها سكون حالم. كانت قطرات المطر لا تزال تترقرق على أوراق الشجر. و في هذا الجو الندى ساعة الاصيل, كان الوجود يضحك و يبكي معا.
****
و لعلك تعرف يا صديقي أن ليس هينا على الذئب أن يتحول الى حمل وديع.
****
أيتها الصخرة الشماء, يا ابنة الاله القوي القدير. أيتها المياه الجارية أبدا, تتفجر من بين الصخر لتطفئ ظمأ الطير و الجوارح. أيتها النار الكامنة في باطن الشجر تنتظر الإنسان حتى يوقظها من مكمنها فتكون له عونا في حياته. بارك الله ساعة لقائنا بكم. نحن بشر يطاردنا اخوة لنا. نفوس فظة قاسية, و أخرى أثقلتها الأحزان. أيتها الطيور و الجوارح نسألكم أن تحسنوا لقاءنا. لقد أتينا إلى هنا بعظام الأجداد, و عدة العمل, و بذرة الإنسان. أدعو باسم الرب أن تجد سلالتنا مستقرا بين هذه الصخور القفار.
****
ما أجمل العالم رغم كل ما فيه. يا الهي انه جميل مثل الخبز الطيب.
****
كانت ساقاها الممتلئتان في اكتناز, الناعمتان الجميلتان عاريتين حتى ركبتيها, تضئ فيهما لمعة جميلة. و كشفت صدرتها عن ثدييها : طائرين صغيرين يفيضان حيوية, و يثبان في خفة استعدادا للهرب.
****
القداسة ليست أمراً هيناً.
****
كان قلبها يرقص بين جوانحها, يعلو إلى حلقها, و يهبط إلى بطنها, و يقفز من هذا الثدي إلى ذاك يدغدغها....
****
بلغت الشمس سمتها. و كانت أشعتها تسقط ثقيلة على الأرض, كأنها شلال ينهمر ماؤه دوما. و ارتفعت السنابل في الحقول ترتوي بأشعة الشمس و تمتص منها غذاءها. و أوراق شجر الزيتون يقطر منها الضوء. و على البعد يطالعك جبل ساراكينا, تخال الدخان يتصاعد منه, و تلفه غلالة شفافة من الضوء في لون اللهب. و وسط هذا اللهب تظهر الكهوف فاغرة أفواهها اليوداء, و على القمة تقف كنيسة القديس ايليا, و قد صهرها الضوء الذي يبهر الأبصار.



No comments:

Post a Comment