سوانح فتاة
مي زيادة
نحن الفتيات أسيرات الأزياء و عبدات التبرج و
لعب الأهواء, أنكتب نحن فتيات اليوم؟
نعم صرنا نكتب ليس بمعنى تسويد الصحائف فحسب
بل بمعنى الانتباه للشعور قبل التحبير, لقد خبرنا الاختلاء بذواتنا فأقبلنا على
تفهم معاني الحياة نتفرس في المشاهد بأبصار جديدة و نصغي إلى الاصوات بمسامع
منتبهة و نشوق إلى الحرية و الاستقلال بقلوب طروبة و نعبر عن النزعات بأقلام يشفع
الغخلاص في ترددها. إن الأمر لكذلك. و جرأتنا هذه لم تبد من اللائي سبقننا, و
إقدامنا لم يألفه الرجل من سوانا, و الجمهور يرقبنا بنطرة خاصة تائقا إلى تصفح نفس
المرأة في ما تصف به ذاتها و ليس في ما يرويه عنها الكاتبون.
احرصي على قلبك
أرى الشفق سدوله على الأرض بطيئا
و لفقت حواشي السحب بخيوط الذهب و الفضة
و تلاشى ما كان يبدو كبحيرات الياقوت و برك
الزمرد حيال عرش الغروب
و غشت الأرض كآبة ربداء
و غشت عينيك كآبة ربداء
أي شمس تغيب فيك أيتها الفتاة و لماذا يشجيك
المساء
لتغشى عينيك هذه الكآبة الربداء؟
ألا احرصي على قلبك أيتها الفتاة
***
تجلت الشمس في الأوج تحت رواق الفلك
و الأشعة تغازل الأزهار و توسع المياه عناقا
و تلوينا
و المنازل تسطع كحجارة كبيرة من نور
و انتعشت جميع الاشياء انتعاش من خرج من أزمة
و انفرج
أما أنت فتلوبين جائعة عطشى
تقولين ما يجب ألا يقال و تفعلين ما يجب ألا
يفعل
ثم تأسفين على القول و الفعل و تعودين تلوبين
و وراء الملل و السآمة و هيج فيك و احتدام
أخبريني ما بك أيتها الفتاة؟
لماذا أراك عند نافذتي ترقبين ما ليس
بالموجود و تشتاقين ما ليس بالبادي؟
و إذا تحولت عنك إلى مرآتي رأيت هناك وجهك
مفجعا حزينا؟
أهو أمل غزا نفسك فثقل على فؤاد منك اعتاد
القنوط؟
أم قرب تهليل الأمل يأس ينتحب و شعور بالفشل
طالما خالط الرجاء؟
جميع الأشياء انتعشت انتعاش من خرج من أزمة و
انفرج
و أنت أي علة تضنيك فتلوبين و تتأوهين؟
ألا احرصي على قلبك أيتها الفتاة
****
جاء المساء مرة أخرى جاء المساء و تبعه الليل
و عيناك قرب السراج جامدتان جمود من يتأمل
جثة
فأشعر بأن شيئا فيك أمسى جثة
لقد استسلمت لجمال المساء فطعنك المساء بسكين
منه سري يقطر دما و ظلاما
أخضعت نفسك لسحر الغروب و لم تحرصي على قلبك
أما الآن و قد فرطت به فاحرصي على الجرح
المنفتح فيه
احرصي على جرح قلبك أيتها الفتاة
No comments:
Post a Comment