الحب في المنفى
بهاء طاهر
اشتهيتها اشتهاء عاجزا كخوف الدنس بالمحارم.
و لكني لما بدأت أشتهيها أصبحت ثرثارا. كنت
أتحصن وراء جدار الكلمات لكي لا افتضح تتدافع كلماتي الفارغة جرارة و مسلية و
متتابعة مثل شرنقة دودة عراها جنون الغزل فلا تستطيع أن تكف لعلي و كيف الىن أدري
كنت عن غير وعي أغزل من خيوط الكلمات شباكا حولها و كانت هي تتطلع إلي بعينيها
الجميلتين تتسع العينان و هي تبتسم و تسألني: من أين تأتي بكل هذا الكلام ؟ صنعتي
أنا أن أتكلم فكيف تفوقت علي.لو كان التوقف عن النمو ينفع في منع المشيب
لما ابيض شعري هذا و لرأيتني و شعبنا العزيز من المحيط إلى الخليج و قد رجعنا
أطفالا مرحين في المهد. كلنا توقف نمونا.كل الأفكار العاهرة تسمي نفسها الآن مبادئ و
تزني بالحقيقة.نقتل شعراءنا بالصمت و نقتلهم بالنسيان.يجب ألا يخفي الانسان شيئا بعد سن الخمسين.
لا معنى بعد ذلك للاسرار و لا لاخفاء أي شئ.عرفت في حياتي بعضا من النساء و حين كنت أعرف
فتاة متحررة و مثقفة كنت أجد نفسي دون أن أدري أشعر بحنين للسذاجة و البراءة و حين
ألتقي بفتاة بسيطة ينتابني بعد فترة الضيق و عدم الاقتناع, أجد أني أحتاج أيضا إلى
عقل أتحاور معه, و هكذا...أظن أني ضيعت عمري أبحث عن واحدة تجمع بين كل المتناقضات
و لم تخلق بعد.....و ما معنى أن استمر في هذه الحياة الكذبة؟ ..
من أكون.. و لم لا أنزل الآن في جوف النهر. أرقب من قلب الماء بطون ذلك البجع
الأبيض الرجراجة و أصلي ان يحملني التيار بعيدا جدا, بعيدا عن البجع و عن البط و
عن الأشجار و الجبال و عن البشر-بعيدا إلى فجوة مدفونة وسط الصخور أندس فيها و
أنزوي ثم تغمرني الطحالب و النباتات و القواقع و الأسماك و تخفيني إلى الأبد
؟....... لو أني فقط أتلاشى !الآن في أخر العمر أدرك أنه كان على حق. لا
أعرف الكثير عن الأسر السعيدة, هل تتشابه أفراحها أم لا, لكني أعرف أن الشقاء ندبة
في الروح, إن بدأت في الطفولة فهي تستمر العمر كله. و أفهم أنه لا توجد ندبة تشبه
أخرى. و لكني أسأل نفسي |أيضا- حتى و إن لم تتشابه تلك الندوب, أليس ذلك الشئ
المحفور في أنفسنا علامة يتعرف بها بعضنا على البعض؟ ... ألا نتشابه نحن أيضا
؟.....
اشتهيتها اشتهاء عاجزا كخوف الدنس بالمحارم.
No comments:
Post a Comment