الحب و الكراهية
ميلاني كلاين
جون ريفيير
ترجمة : وجيه أسعد
فحياتنا تخدم بصورة أساسية غرضا مزدوجا : الاطمئنان على وسائل الوجود و
لستمداد اللذة في الوقت نفسه من هذا الوجود.
و علينا أن لا ننسى أن الكره يتصف على وجه العموم بأنه قوة تدمير و تفكك
تمضي في اتجاه الحرمان و الموت و أن الحب قوة تضفي الانسجام و التوحد قوة تنزع صوب
الحياة و اللذة.
و لا نجهل أيضا أن ثمة دوافع عدوانية فظة و أنانية تقترن اقترانا وثيقا
بعواطف اللذة و الإشباع و أن ضربا من الإفتتان و الإثارة يمكنهما أن يرافقا إشباع
هذه الدوافع و مثال ذلك أن اللذة العنيفة أو الابتهاج على الأقل التي يشعر بها
المرء و هو يوجه ملاحظة جارحة إلى شخص آخر يمكنها أن ترى في عينيه.
و مع أننا جميعا نعلم أو علينا أن نعلم أن العواطف العدوانية موجودة فينا و
لدى الآخرين فإننا لا نحب هذه الفكرة كثيرا. و عندئذ نقلل بصورة لا شعورية من
أهميتها و نقدرها بأقل من قدرها.
و من المعروف جيدا أن العدوانية تستيقظ لدى الناس و الطبقات ذوي وسائل
العيش غير الكافية إلا إذا كانوا في حالة من الخمود و العطالة.
فالمتوحش البدائي يوسع صنمه ضربا عندما يخيب الزمن أمله و نحن نتصرف على
النحو نفسه حين نعزو الشر إلى أشخاص آخرين بعيدين عنا أو هم على الأقل بعيدون عنا
بعدا لا يستهان به.
استجابة الاحتقار و النبذ هي السبب الأكبر أيضا و المصدر الرئيسي لمظاهر في
منتهى التنوع مظاهر الخداع و الخيانة و التخلي و الغش و المكر التي نصادفها في
الحياة على نحو مستمر جدا و على وجه الخصوص لدى بعض النماذج من الأفراد عندما تكون
هذه الآلية بارظة جدا لدى الدونجوانيين أو المومسات و لدى الأشخاص غير المستقرين
الذين يتعذر عليهم المحافظة على وضع من الأوضاع أو الإستمرار في اتجاه من
الإتجاهات.
الأشخاص يحاولون دائما أن يضعوا أنفسهم في حال من التباين الحاد مع من هم
أدنى منهم حتى لا يفوت الناس أن يعتبروهم جيدين و موضع إعجاب و كذلك حتى يكون
لديهم الانطباع دائما أن الآخرين سيئون لا هم.
No comments:
Post a Comment