باقون في قصائد الحب
و في قصائد النضال
باقون في الشعر و في لأزجال
باقون في عطر المناديل و في الدبكة و الموال
في القصص الشعبي....... في الأمثال
باقون في الكوفية البيضاء و العقال
باقون في مروءة الخيل و في مروءة الخيال
باقون في المهباج و البن
و في تحية الرجال للرجال
باقون في معاطف الجنود
في الجراح و في السعال
باقون في سنابل القمح و في نسائم الشمال
باقون في الصليب
باقون في الهلال
في ثورة الطلاب باقون و في معاول العمال
باقون في خواتم الخطبة..... في أسرة الأطفال
باقون في الدموع....
باقون في الآمال...
*************
حوار مع عربي أضاع فرسه
لو كانت تسمعني الصحراء
لطلبت إليها
أن تتوقف عن تفريخ ملايين الشعراء
و تحرر هذا الشعب الطيب من سيف الكلمات
ما زلنا منذ القرن السابع نأكل ألياف الكلمات
نتزحلق في صمغ الراءات
و ننام على هجوجرير
و نفيق على دمع الخنساء
ما زلنا منذ القرن السابع
خارج خارطة الأشياء
نترقب عنترة العبسي
يجئ على فرس بيضاء
ليفرج عنا كربتنا
و يرد طوابير الأعداء
ما زلنا نقضم كالفئران
مواعظ سادتنا الفقهاء
نقرأ ( معروف الإسكافي )
و نفرأ ( أخبار الندماء )
و نكات جحا
و ( رجوع الشيخ )
و قصة ( داحس و الغبراء )
يا بلدي الطيب يا بلدي
الكلمة كانت عصفورا
و جعلنا منها
سوق بغاء
لو كانت نجد تسمعني
و الربع الخالي يسمعني
لختمت أنا بالشمع الأحمر سوق عكاظ
و شنقت جميع النجارين
و كل بياطرة الألفاظ
ما زلنا منذ ولادتنا
تسحقنا عجلات الألفاظ
لو أعطى السلطة في وطني
لقلعت نهار الجمعة أسنان الخطباء
و قطعت أصابع من صبغوا بالكلمة أحذية الخلفاء
و جلدت جميع المنتفعين بدينار
أو صحن حساء
و جلدت الهمزة في لغتي
و جلدت الياء
و ذبحت ( السين ) و ( سوف )
و تاء التأنيث البلهاء
و الزخرف و الخط الكوفي
و كل ألاعيب البلغاء
و كنست غبار فصاحتنا
و جميع قصائدنا العصماء
يا بلدي
كيف تموت الخيل
و لا يبقى إلا الشعراء ؟؟
لو أعطى السلطة في وطني
أعدمت جميع المنبطحين على أبواب مقاهينا
و قصصت لسان مغنينا
و فقأت عيون القمر الضاحك من أحزان ليالينا
و كسرت زجاجته الخضراء
و أرحتك يا ليل بلادي
من هذا الوحش الآكل من لحم البسطاء
يا بلدي الطيب .... يا بلدي
لو تنشف آبار
البترول و يبقى الماء
لو يخصى كل المنحرفين
و كل سماسرة الأثداء
لو تلغى أجهزة التكييف من الغرف الحمراء
و تصير يواقيت التيجان
نعالا في قدم الفقراء
لو أملك كرباجا بيدي
جردت قياصرة الصحراء من الأثواب الحضرية
و نزعت جميع خواتمهم
و محوت طلاء أظافرهم
و سحقت الأحذية اللماعة
و الساعات الذهبية
و أعدت حليب النوق لهم
و أعدت سروج الخيل لهم
و أعدت لهم
حتى الاسماء العربية
لو يكتب في يافا لليمون لأرسل آلاف القبلات
لو أن بحيرة طبرية تعطينا بعض رسائلها
لاحترق القارئ و الصفحات
لو أن القدس لها شفة لاختنقت في فمها الصلوات
لو أن ....
و ما تجدي ( لو أن ... ) و نحن نسافر في المأساة
و نمد إلى الأرض المحتلة حبلا شعري الكلمات
و نمد ليافا منديلا طرز بالدمع و بالدعوات
يا بلدي الطيب ... يا بلدي
ذبحتك سكاكين الكلمات
No comments:
Post a Comment