المسيح ىصلب من جديد-4


المسيح يصلب من جديد

نيقوس كازانتزاكس
ترجمة: شوقي جلال
مراجعة : د. نعيم عطية

من رواية المسيح يصلب من جديد


  بينما البعض من بني البشر أضلته الحياة الدنيا و أعمته الشهوات, و البعض الآخر يكابد في نصب ليعلو فوق طبيعته البشرية ابتغاء ملكوت السموات, كانت سنابل القمح تنضج على عودها في هدوء و وداعة و أثقلها الحب فانحنت إلى الأرض تنتظر الحصاد.****الحياة فرص يغتنمها السباقون.****غربت الشمس و لم تسطع النجوم بعد, فلا زال النهار يقاوم في يأس. تسلق الجبل و لاذ بالقمم المرتفعة, و لكن الليل يقتفي أثره, يتسلق خلفه و يتعقبه من صخرة إلى صخرة حتى بلغ معقله الأخير في الكنيسة البيضاء الصغيرة, كنيسة النبي إيليا. و انهار النهار و لم يعد يقوى على المقاومة فقفز إلى السماء و اختفى هناك.****و عبق الجو برائحة النعناع و السعتر. و بدأ الليل زحفه, و ألقى بظله على الأرض أزرق شفافا. و ساد السكون. غير أنه بين حين و آخر يطرق أسماعهم أنين طائر من طيور الليل برحه الجوى, أو صرخة آخر يجد بحثاً عن دودة أو فراشة أو فأر ينقض عليه و يلتهمه. و دنت النجوم هذا المساء حتى تخالها معلقة بين السماء و الأرض.****يا أبنائي, يبدو لي أحياناً أن روح الإنسان تشبه زهرة الليل. تظل داخل أكمامها طوال النهار و تتفتح مع ظلام الليل و تملأه بشذاها العطر.****هذا العالم سر غامض. و عقل الإنسان قاصر عن بلوغ حكمة الله في تدبيره لشئون خلقه, فالخلاص و الهلاك يأتيان من حيث لا يتوقع الإنسان, حتى أننا لا نعلم أي الطرق تؤدي إلى الجحيم و أيها إلى الفردوس.****روح الإنسان سر غامض. أضلني الحب و أبعدني عن الرب, أما الحزن, بارك الله فيه. فهو الذي أعادني إليه ثانية.****ان رحيق هذه الدنيا عقوبة و عزاء مر المذاق.****عجباً لهذا الوجود! انه معجزة حقاً! اذا فتحت عيني أرى الجبال و السحاب و المطر يساقط, و إذا أغمضت عيني أري الله خالق الجبال و السحاب و المطر... حيثما نولي وجوهنا فثم وجه الله... في ضوء النهار أو في عتمة الليل.****سيبدي الليل لي المشورة. يتنزل الرب الينا عادة على هيئة حلم و نحن نيام و يهدينا الى الطريق.****هل مكتوب على الإنسان أن يضيق الأبناء في النهاية بمن أتوا بهم إلى هذا العالم و يكرهونهم؟ لماذا؟ لماذا؟ لست أدري.****حياة مديدة يا طفلي. أتمنى أن تمتد بكما الحياة حتى يتقدم بكما السن, و تنجبا أبناء و أحفادا, و تعمرا الأ{ض بنسلكما و تخلدا سلالة الإنسان. لا تنكسا رايتكما أمام ملاك الموت, لأننا نبذر و هو يحصد و سنرى لمن سيكون النصر.****ان الله موجود بكل كيانه في كل شئ حتى في أصغر حصاة و أدنى الحيوانات و أكثر النفوس اظلاما. 


No comments:

Post a Comment